تقتضي التربية الذاتية للإنسان نوعا من الوعي الفكري والمعرفة بأهمية القواعد الصحية والأخلاقية والجسمية في استمرارية التربية التي يحتاج الإنسان إليها مدى الحياة وأول وسائل التربية الذاتية مراقبة الإنسان لنفسه وجعل ضميره حياً يقظاً متحركاً وهذه الوسيلة داخلية تحدثنا عنها في حديثنا عن القلب وتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم للإنسان أن يستفتي نفسه فما اطمأنت نفسه إليه كان حسناً وما حاك في الصدر تجنبه والضابط لهذا الاستفتاء القلبي أن يكون القلب يقظاً على صله بالله دائما بالعبادة والدعاء والاستعانة على الخير والاستنجاد من الشر كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل دائماً في دعائه المستمر في كل حركة من حركاته كما أن الالتزام بالفضائل يجعل المرء قوي الصلة بالله، ويرى بعض العلماء أن من وسائل التربية الذاتية أن يتخذ الإنسان لنفسه شيخاً يعينه على التربية وينصحه ويوجهه ولا يشترط الاتصال المباشر بل قد يكون عن طريق الإطلاع على مؤلفاته وإن كانت العلاقة الشخصية هي المطلوبة عملا بقوله تعالى:{فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}(النحل/٤٣) ونسبة لتعذر الملازمة للشيوخ الناصحين في الدين المشتغلين بتهذيب العباد فإن التجارب الشخصية النابعة من مخالطة الناس تساعد على تربية النفس لأن المؤمن مرآة أخيه فإذا علم صفات سيئة في الناس اتفقوا على سوئها وكراهتها أبعد نفسه عنها، كما أن قوة الإرادة والعزم على فعل الخير وممارسته من الوسائل التي تدفع الإنسان إلى السير في طريق الخير ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلت"[٣] .
والإيمان بالله الذي يصدر عنه الفعل من إحساس بالواجب وحب للفضائل وترك للراذئل من وسائل تربية النفس والذي يساعد على ذلك كله أن تكون صحبة الإنسان للأخيار من الناس.