ومن أسلوب الثواب والعقاب يقول الغزالي:"إذا ظهر من الصبي خلق جميل، وفعل محمود فإنه ينبغي أن يكرم عليه ويجازى عليه مما يفرح به ويمدح أمام الناس لتشجيعه على الأخلاق الكريمة والأفعال الحميدة، وإذا حدث منه ما يخالف ذلك، وستره الصبي واجتهد في إخفاءه، تغافل عنه المربي وتظاهر بأنه لا يعرف شيئاً عما فعل حتى لا يخجله، فإن عاد ثانية إلى الخطأ عوقب سراً وبين له نتيجة خطئه، وأرشد إلى الصواب وحذر من العودة إلى مثل هذا الخطأ، خوفاً من أن يفتضح أمره بين الناس"[٩] . فالغزالي يسبق علماء النفس التربويين في أنه لا بد من التدرج في الجزاء وأن هناك جزاءً ثانوياً يتمثل في التشجيع والمكافأة والعتاب والتحذير والإرشاد باللين إلى الخطأ- هذا الجزاء له أثره الكبير في التربية والتعليم ولا يترك آثاراً سلبية كما في الجزاء الأولي، وفي تأييد هذه النظرية المثوبة والعقوبة يقول ابن سينا: "إنه من الضروري البدء بتهذيب الطفل، وتعويده ممدوح الخصال منذ الفطام، قبل أن ترسخ فيه العادات المذمومة التي يصعب إزالتها إذا ما تمكنت في نفس الطفل أما إذا اقتضت الضرورة الالتجاء إلى العقاب فإنه ينبغي مراعاة منتهى الحيطة والحذر فلا يؤخذ الوليد أولاً بالعنف وإنما بالتلطف ثم تمزج الرغبة بالرهبة والمثوبة والعقوبة والنصح والتهديد ولأنها وسيلة أقرب إلى عقلية الصغار وتجاربهم وخبراتهم المحدودة ولذلك استعملها لقمان مع ابنه كما حكى القرآن: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً