وذلك لأن البخل وعدم الإنفاق من طبائع النفوس كما أن الغضب وحب الانتقام كذلك، ولذلك جعل الرسول القوي من الرجال الذي يملك نفسه عند الغضب والأحاديث كثيرة في فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار على القليل من المأكل والمشرب وغيرها وكلها تؤدي إلى تقوية الإرادة في جانب التغلب على شهوات البطن والفرج فالرسول عليه الصلاة والسلام وآله لم يشبعوا من خبز شعير يومين متتابعين حتى مات كما روت عائشة. ولأن الإنفاق عامل من عوامل تقوية الإرادة وعقاب النفس قرر الإسلام الزكاة في مقادير معلومة من المال:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}(التوبة/١٠٣) ، وجعل المال كفارة لكثير من- الكفارات كما حث على الإنفاق تفضلاً وتدريباً للإرادة المتغلبة على غرائز النفس حباً للخير، ومحاربة للرذائل وإيثاراً للغير على النفس لأن تكاليف الإسلام كلها لا يقوم بها إلا شخص قويت إرادته وعزيمته بحيث يبدأ من التكاليف التي تحتاج إلى جهد بسيط لتتدرج في الوصول إلى التكاليف التي تحتاج إلى تضحية بالنفس والمال والحياة كلها في سبيل الله.