{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ}(ص/٢٩) أما الذين لا يتدبرون ولا يتأملون وينصرفون عن وسائل الحق فهم كما حكى الله عنهم: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا}(الأنعام/٢٥) وعدم التعقل والتدبر والاستماع إلى الحق يؤدي بالمشركين إلى النار: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}(الملك/١٠) ، أما الذين يترفعون عن فهم آيات الله وينصرفون عن الحق ويكذبون فإن الله أيضا صارفهم عن الحق:{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}(الأعراف/١٤٦) ، وبتكون البصيرة والحكمة في الإنسان يتعرف على الحق الذي أوجد الله سبحانه به الوجود وخلق به السموات والأرض لأن معرفة الحق هي التي تدفع إلى التمسك به وبناء الحياة عليه:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِ}(الحجر/٨٥) ، والآيات بهذا المعنى والتعبير في القرآن كثيرة وعلى معرفة الحق تترتب نتائج معرفة خلق الإنسان والوجود والمصير لقيام ذلك كله على الحق الذي نزل يه القرآن:{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}(الإسراء/١٠٥) ، وكما أن البصائر نتائج للتفكير في عواقب الأفعال من المعاصي وما يترتب على الرذائل من هلاك للأفراد والأمم والحضارات فالله يخبرنا بأن المعاصي هي التي تسببت في ضياع أمم وحضارات سابقة فيقول: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا