للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقد ظلت هذه الأساليب تنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم تباعاً، وعلى مدى ثلاثاً وعشرين سنة حتى اكتمل نزول القرآن، وهو الموجود الآن في المصاحف والمحفوظ في الصدور. وهي على هذه الكثرة الكثيرة من السور والآيات البينات [٥] لم يحصل فيها تناقض واحد، ولا غلط واحد.. وظلت كذلك حتى اليوم وبعد أربعة عشر قرناً هي هي سليمة من أي تبديل أو تحريف.. وذلك بعكس أساليب اليهودية والنصرانية [٦] .

وأساليب الدعوة في القرآن على تعدد صورها وألوانها ... لم تصطدم مع العلم قديمه وحديثه، العلم الصحيح القائم على المنطق السليم، وأن ما في أحدث نظريات العلم من حقائق عن الكون ومظاهر الحياة المادية والإنسان، والحيوان، والنبات ... لا يتناقض مع ما في القرآن الكريم من أساليب، بل هذه الأساليب. بمعانيها العميقة لا زالت ولن تزال تؤيد العلم في اتجاهاته السليمة، واكتشافاته لمظاهر الكون لمعرفة أسراره، وذلك بعكس الأديان الأخرى التي عاشت في صراع مرير مع العلم حتى الآن [٧] .

وهذه الأساليب فضلا عن تأديتها مهام العبادات والتكاليف والأحكام الشرعية ... هي أساليب جمالية ونصوص أدبية امتاعية، تقوم اللسان، وتعلم البيان، وترقق المشاعر.. وكلما قرئت اطمأنت بها النفوس، واقشعرت منها الجلود خشية لله وخضوعا لعظمته: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد/٢٨) ، {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ... } (الزمر/٢٣) .

ومن مقومات هذه الأساليب أنها قامت على الحق: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ... } (السجدة/٢) . وعلى الصدق": {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} (النساء/١٢٢) .