توقع نهاية العالم سريعاً، والآن هذه الفكرة قد سيطرت على تفكير مؤلفي العهد الجديد إلا أن (مَتَّى) كان أكثرهم حرصاً على تأكيد ذلك، فقد توقع أن تأتي نهاية العالم في أيام المسيح قبل أن يكون رسله قد أكملوا التبشير في مدن إسرائيل -إصحاح عشرة عدد ثلاثة وعشرين- وقبل أن يدرك الموت بعض معاصري المسيح والذين استمعوا إلى تعاليمه، (إصحاح ستة عشر عدد ثمانية وعشرين) وقبل أن يكون ملك الجيل الذي عاصر المسيح وتلاميذه قد تم، (إصحاح أربعة وعشرون عدد ٣٤) ومن الواضح كما يقول (جون كونتن) أن شيئًا من هذا لم يحدث كما توقعه (مَتَّى) ثم تأتي خاتمة الإنجيل التي يشك فيها العلماء ويعتبرونها دخيلة وهي تنسب إلى المسيح قوله لتلاميذه اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس -إصحاح ٢٨ عدد ١٩- ويرجع هذا الشك كما يقول -آبل هارمك- وهو من أكبر علماء المسيحية إلى الآتي: لم يرد إلا في الأطوار المتأخرة من التعاليم المسيحية ما يتكلم عن المسيح وهو يلقي مواعظ ويعطي تعليمات بعد أن أبقى من الأموات، وأن بولس لا يعلم شيئًا عن هذا، إن صيحة التثليث هذه غريب ذكرها على لسان المسيح، ولم يكن لها نفوذ في عهد الرسل، وهو الشيء الذي كان حقيقة جديرة به لو أنها صدرت عن المسيح شخصياً.
إنجيل لوقا:
نبدأ بالمقدمة التي ألقت كثيراً من الضوء على ما كان يحدث صدر المسيحية وخاصة فيما يتعلق بتأليف الأناجيل، فهو يقول:- إذا كان الكثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدام للكلمة، رأيت أنا أيضاً، إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بترتيب أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز (جافينوس) لتعرف صحة الكلام الذي علمته من هذه المقدمة تتضح جملة أمور لابد من التسليم بها.