للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فزع المسلمين لهذه الأعداد الضخمة التي واجهتهم، وكتبوا إلى عمرو بن العاص يسألونه ماذا يفعلون، فأجابهم "الرأي لمثلنا الاجتماع فإن مثلنا إذا اجتمعنا لا نغلب من قلة" [٤] وكتبوا إلى أبي بكر فأجابهم بمثل ما أجابهم به بن عمرو وقال: "إن مثلكم لا يؤتى من قلة، وإنما يؤتى العشرة آلاف، والزيادة على العشرة آلاف إذا أتوا من تلقاء الذنوب، فاحترسوا من الذنوب، واجتمعوا باليرموك متساندين، وليصل كل رجل منكم صاحبه" [٥] .

اتجه المسلمون إلى اليرموك تنفيذا لوصية الخليفة، فوجدوا الروم قد نزلوا بالوادي السابق الذكر، وعبر المسلمون النهر فنزلوا بإزائهم.

الخليفة يدرس أسباب تأخر النصر:

واستشار الخليفة أصحابه ذوي الرأي، وقلب الأمر على كل وجوهه، فاهتدى إلى أن ضعف المسلمين ناتج إلى ضعف القيادة، ذلك لأن الأمراء الذين بعثهم الخليفة إلى الشام ليس فيهم من يصلح في نظر الخليفة لخوض هذه المعركة الرهيبة، فأبو عبيدة بن الجراح مع قدرته العسكرية الفائقة إلا أنه رقيق القلب لا يقدم على الحسم، وابن العاص مع دهائه وحسن حيلته يهاب الإقدام على عدوه، وعكرمة مع إقدامه وحنكته غير أنه تنقصه دقة التقدير للمواقف، وبقية القواد لم يشتركوا من قبل في مثل هذه المعارك الكبيرة.

وهناك أمر آخر ينبغي للخليفة أن يقدره ولا يغفله ذلكم هو تساوي القواد في القدرة فليس فيهم من يقرون له بالتفوق أو العبقرية التي يتميز بها عليهم حتى يجتمعوا عليه.

ومن أجل هذا فكر الخليفة كثيراً في الأمر وطال تفكيره فالأمر ليس بالهين اليسير، وإنما هي معارك فاصلة لابد أن تحسم في الشام كما حسمت في العراق.

واهتدى الخليفة -رضي الله عنه- إلى الحل فقال لمجلس الشورى: "والله لأنسين الورم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد" [٦] .

خالد يتوجه إلى الشام: