ورغم ذلك فإنه اعتذر لهم في ذلك الحين لأنه لا يستطيع أن يكتب وهو بعيد عن مصادره، وعندما ألحوا عليه بدأ العمل بما تيسر له من مادة علمية وبدأ بذلك كتابه المعروف (بأسد الغابة في معرفة الصحابة) .
ويشرح منهجه في تأليف هذا الكتاب فيقول إنه جمع ما ذكره العلماء وأشار إلى أربعة منهم باعتبارهم أكثر دقة فوضع لكل منهم رمزاً كاختصار لاسمه فهو يرمز لابن منده بالعلامة (د) ولأبي نعيم بالعلامة (ع) ولابن عبد البر بالعلامة (ب) ولأبي موسى بالعلامة (س) ، فإذا اتفقوا جميعاً على اسم صحابي وضع أمام الاسم جميع هذه الإشارات وإلا ذكر الرمز الذي يشير إلى من ذكر اسم الصحابي، ويذكر في آخر الحديث اسم من أخرجه فإذا ذكر أخرجه الثلاثة مثلاً فإنه يقصد ابن منده وأبا النعيم وأبا عمر بن عبد البر، ولا يقول أخرجه فلان وفلان وفلان كما أنه التزم حروف الهجاء في ترتيب الأسماء [٤] .
وهذا منهج علمي متقدم في التأليف والكتابة ويعطينا الإحساس الكامل بدقة وصحة ما يكتب، بل إن هذا المنهج تسير عليه أغلب الجامعات الحديثة عند إعداد الرسائل الجامعية، سواء في الإشارة إلى المصادر أو إلى ذكر مؤلفي المصادر أو المخطوطات وهو ما يعرف بنظام الاختصارات (abbrc.viations) وهي التي ترمز إلى نوع المصادر التي يشير إليها الباحث واسم المؤلف ومصدره كاملاً سواءً كان للمؤلف كتاب واحد أو أكثر وكمثال لذلك يمكن أن يضع الباحث اختصارات معينة ويعمل بموجبها على أن يوضح ذلك عند بداية بحثه، فمثلاً يمكن أن يشير إلى مجلة الجامعة الإسلامية بالرمز (م ج س) ويشيرون مثلا إلى الهامش بالحرف (Foot Note) (F.N) . مثلما فعل المؤرخ الإسلامي في أسد الغابة.