وقيل: راجع لقوله: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} ، وإذا لم يرجع للجملة التي يليها فلا يكون نصا في رجوعه لغيرها.
وقيل: إن هذا الاستثناء راجع للجملة التي تليها وعليه فالمعنى: ولولا فضل الله عليكم ورحمته بإرسال محمد - صلى الله عليه وسلم - لاتبعتم الشيطان في ملة آبائكم من الكفر وعبادة الأوثان إلا قليلا كمن كان على ملة إبراهيم كورقة بن نوفل وقس بن ساعدة وأضرابهم وذكر ابن كثير أن عبد الرزاق روى عن معمر عن قتادة في قوله:{لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} ، أن معناه: لاتبعتم الشيطان كلا، قال: والعرب تطلق القلة وتريد بها العدم، واستدل قائل هذا القول بقول الطرماح بن حكيم يمدح يزيد بن المهلب:
قليل المثالب والقادحة
أشم ندى كثير النوادي
يعني لا مثلبة ولا قادحة.
قال مقيده عفا الله عنه: إطلاق القلة وإرادة العدم كثير في كلام العرب ومنه قول الشاعر:
قليل بها الأصوات إلا بغامها
أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة
يعني أنه لا صوت في تلك الفلاة غير بغام راحلته.
وقول الآخر:
قليلا لدى من يعرف الحق عابها
فما بأس لو ردت علينا تحية
يعني لا عاب فيها عند من يعرف الحق.
وعلى هذين القولين الأخيرين فلا شاهد في الآية وبهذا التحقيق الذي حررنا يرد استدلال داود الظاهري بهذه الآية الأخيرة أيضا والعلم عند الله.
ـ قوله تعالى:{فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} ، هذه الآية تدل على أن الإماء إذا زنين جلدن خمسين جلدة، وقد جاءت آية أخرى تدل بعمومها على أن، كل زانية تجلد مائة جلدة، وهي قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} .
والجواب ظاهر: وهو أن هذه الآية مخصصة لآية النور لأنه لا يتعارض عام وخاص.