ولكن الحال ما وصفنا من المنزلة عند أهل العلم، وإنما مثلنا هؤلاء في التسمية ليكون تمثيلهم سمة يصدر عن فهمها من غبى عليه طريق أهل العلم في ترتيب أهله فيه يقصّر بالرجل العالي القدر عن درجته، ولا يرافع متضع القدر في العلم فوق منزلته، ويعطي كل ذي حق فيه حقه، وينزل منزلته وقد ذكر عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم مع ما نطق به القرآن من قول الله تعالى {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} فعلى نحو ما ذكرنا من الوجوه نؤلف ما سألت من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متهمون أو عند الأكثر منهم فلسنا نتشاغل تخريج حديثهم كعبد الله بن مسور وأبي جعفر المدائني، وعمرو بن خالد وعبد القدوس الشامي، ومحمد بن سعيد المصلوب، وغياث بن إبراهيم، وسليمان بن عمر وأبي داود النخعي وأشباههم ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار، وكذلك من الغالب على حديثه المنكر، أو الغلط امسكنا أيضا عن حديثهم.
قلت: هذا هو النقل عن الإمام أبي الحجاج مسلم رحمه الله تعالى في مقدمة صحيحه وأنه لم يخالف في إخراج حديث أبي هريرة رضي الله عنه بحال من الأحوال وأنه على شرطه تماما كما نص في هذا النقل بأنه لا يخرج حديث من كان متهما بالكذب أو من كان منكرا كثير الغلط، وأما ما سواهما فإنه يخرج حديثهم للاستشهاد، والمتابعات وهكذا نقل السيوطي في تدريبه [٢٣] عن مسلم فرواه وبهذا الإسناد الذي أنا بصدد الكلام حولهم فإنهم كلهم ثقات، إلا أيوب بن خالد بن صفوان بن أوس بن جابر الأنصاري المدني الذي يروي عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة وروى عنه إسماعيل بن أمية فقد قال الحافظ في تقريبه [٢٤] : فيه لين من الرابعة ورمز له بأنه من رجال مسلم، والترمذي، والنسائي، وقال في التهذيب [٢٥] وذكره ابن حبان في الثقات، ورجحه الخطيب.