قال ابن عباس: الفتنة: الشرك، أي حتى لا يبقى مشرك على وجه الأرض. وقال ابن جريج: حتى لا بفتن مؤمن عن دينه [٨] ومعنى {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُهُ لِلَّهِ} أي تضمحل الأديان الباطلة ولا يبقى إلا دين الإسلام. واضمحلالها: يكون إما بهلاك أهلها جميعا، أو برجوعهم عنها خشية القتل [٩] .
أقول: ولهذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله"[١٠] .
ومعنى قوله تعالى {فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} أي فإن انتهوا عن الكفر وأسلموا فإن الله مطلع على قلوبهم، يثيبهم على توبتهم وإسلامهم، {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ} أي وإن لم ينتهوا عن كفرهم وأعرضوا عن الإيمان فاعلموا يا معشر المؤمنين أن الله ناصركم ومعينكم عليهم، فثقوا بنصرته وولايته ولا تبالوا بمعاداتهم لكم. {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} أي نعم الله أن يكون مولاكم، فإنه لا يضيع من تولاه، ونعم النصير لكم، فإنه لا يغلب من نصره الله [١١] .
وفي قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ}(محمد آية ١١) .
ومعنى المولى هنا: أي ناصر المؤمنين [١٢] .
أقول: فبينت هذه الآية الكريمة أن المؤمنين مولاهم الله تبارك وتعالى يدافع عنهم وينصرهم على أعدائهم، وأما الكافرون فليس لهم من يدافع عنهم ولا من ينصرهم لأنهم على باطل، وأهل الباطل لا يستأهلون نصرا، ولا يظهرهم الله عز وجل على أهل الحق.