وقال الإمام الشوكاني في معنى قوله تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ ... } الآية: أي إن تتوبا إلى الله فقد وجد منكما ما يوجب التوبة، ومعنى "صَغَتْ"عدلت ومالت عن الحق أو زاغت وأثمت، وهو أنهما أحبتا ما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إفشاء الحديث، وقيل المعنى: إن تتوبا إلى الله فقد مالت قلوبكما إلى التوبة، ومعنى {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} وإن تظاهرا بمعنى تتعاضدا وتتعاونا، والمعنى: وإن تتعاضدا وتعاونا في الغيرة عليه منكما وإفشاء سره، فإن الله يتولى نصره، وكذلك جبريل، ومن صلح من عباده المؤمنين والمقصود أبو بكر وعمر، فلن يعدم ناصرا ينصره، إذ بعد نصر الله له، وجبريل، وصالح المؤمنين، فإن الملائكة أعوان يظاهرونه [٢٦] .
* ومنها مرتان بلفظ (مولاهم) : ذلك في قوله تعالى {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ}(الأنعام آية ٦٢) .
وقد جاءت هذه الآية بعد قوله تعالى:{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ}(الأنعام آية ٦١) .
ومعنى الآيتين الكريمتين: أن الله تعالى فوق عرشه الذي قهر كل شيء وخضع لجلاله وعظمته وكبريائه كل شيء يرسل ملائكته يحفظون عباده، حتى إذا حان أجل أحدهم توفته الملائكة الموكلون بذلك، ولا يجاوزون الحد فيما أمروا به من الإكرام والإهانة، فإن كان من الأبرار ففي عليين، وإن كان من الفجار ففي سجين. ثم بعد الحشر ترد الخلائق إلى الله مولاهم الحق أي مالكهم الذي يلي أمورهم فيحكم فيهم بعدله، وهو أسرع الحاسبين لكونه لا يحتاج إلى ما يحتاجون إليه من الفكر الروية والتدبر [٢٧] .