أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} (الأعراف/٣) ، وسأقصر البحث هنا على أمر الشارب واللحية والله المستعان وعليه التكلان.
والشارب هو الشعر النابت على الشفة العليا للفم، قال في المصباح: هو الشعر الذي يسيل على الفم ويثنَّى باعتبار الطرفين اهـ. وقد يجمع وهو من الواحد الذي فرق، ويسمى كل جزء منه باسمه فقالوا لكل جانب منه شاربا، ثم جمع على شوارب، وأما طرفا الشارب وهما السبالان فقيل هما من الشارب ويشرع قصهما وقيل هما من اللحية. وجمهور العلماء على أن قصه أو إحفاءه سنة، وأمره صلى الله عليه وسلم بذلك محمول على الندب بقرينة أن الأمر بذلك للنظافة وتحسين الهيئة، والنفس تميل إلى ذلك وتدعو إليه، فلم تحتج إلى أمر إيجاب. والندب كاف في ذلك. وذهب يعض الحنفية وابن حزم والقاضي أبو بكر بن العربي إلى وجوب أخذ الشارب لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك ولأن في تركه تشويها للصورة الآدمية كما أن أخذه من الفطرة، والفطرة هي الدين وإذا أضيف قصه إلى الدين، فالظاهر أنه جزء من فرائض الدين لا من سننه وقد أمر إبراهيم عليه السلام بخصال الفطرة، وأمرنا باتباعه، وأمرُ الله يجب العمل به.. وقص الشارب من خصال الفطرة فهو واجب. والظاهر مع الجمهور فهو سنة الأنبياء جميعاً، والقصد به النظافة وتحسين الهيئة واتباع إبراهيم عليه السلام واجب. فإن كان الأمر واجباً عليه أو مندوباً كان حكم التابع كذلك ولا نعلم أن ذلك كان واجباً عليه فبقي الأمر على الندب.