ثانياً: أضف إلى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قد أمر بمخالفة المشركين والمجوس ثم أمر بإعفاء اللحية وإحفاء الشارب تدل على أن في ذلك الأمر مخالفة لهم، وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن حلق اللحية وقصها وترك الشارب، من هيئات الكفار الخاصة بهم، فأمر المسلمون بمخالفتهم في فعلهم تماماً. وقد كان بعض الأعاجم يوفرون الشوارب واللحى معاً فأمرنا بمخالفتهم في صنعهم هذا بأن نأخذ من الشوارب ونترك اللحى، قال أبو شامة: وقد حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نقل عن المجوس أنهم كانوا يقصونها، وقد روى البيهقي أنه ذكر لرسول الله المجوس فقال:"إنهم يوفون سبالهم ويحلقون لحاهم فخالفوهم"، وعن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قيل يا رسول الله: إن أهل الكتاب لا ينتعلون فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فتخففوا وانتعلوا وخالفوا أهل الكتاب"، قال فقلت يا رسول الله إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب"(١) ، ومخالفة المشركين واجبة وقصد التشبه بهم حرام، قال صلى الله عليه وسلم:"من تشبه بقوم فهو منهم"(٢) ، وقوله صلى الله عليه وسلم:"خالفوا المشركين"، "خالفوا المجوس" غاية في الزجر عن التشبه بهم فيما يختصون به من ملبس أو هيئة، ولقد ظهر في المسلمين حلق اللحية وتوفير الشوارب من مخالطة المشركين واستحسان عوائدهم والميل إلى اتباعهم وتقليدهم، وقد نرى بعض الكافرين الآن يوفر لحيته. وذلك لا يغير من حكم اللحية في شريعة الإسلام ومع هذا فإنهم لا يفعلون ما هو مشروع لنا فإنهم يتركون اللحى والشوارب معاً ونحن مأمورون بمخالفة ذلك كما هو صريح الأحاديث. وبعضهم يترك شعرات أسفل الفم ليست هذه هي اللحية الشرعية، ولو سلمنا جدلاً أنهم يصنعون مثلنا تماماً فليس هذا مبرراً لأن نخالف هذا القليل بزعم إبليس، ونخالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم