السفر -بفتح السين والفاء- يطلق في اللغة على عدة معان، من بينها: الكشف والذهاب والسعي بالإصلاح، يقال: سفر شعره: استأصله وكشف عن رأسه، وسفرت الريح التراب والورق كنسته وذهبت به كل مذهب، وسفرت المرأة وجهها إذا كشفت النقاب عنه، وسفرت بين القوم أي سعيت بينهم بالإصلاح، ومنه قول علي لعثمان رضي الله عنهما: إن الناس قد استسفروني بينك وبينهم، والجمع أسفار وسافرة وسفر وسفار، وفي الحديث:"صلوا أربعا فإنا قوم سفر"[٣] والرجل المسفر كثير الأسفار القوي عليها، والأنثى مسفرة، وقد اشتق لفظ السفر المستعمل في لسان الشرع، وهو الضرب في الأرض من هذا المعنى.
وقد ربط الأزهري بين المعنى اللغوي والشرعي للسفر بقوله: لكشفه قناع الكن عن وجهه، ومنازل الحضر عن مكانه، ومنازل الخفض عن نفسه: وبروزه إلى الأرض الفضاء ... ولأنه يسفر عن وجزه المسافرين وأخلاقهم فيظهر ما كان خافياً منها [٤] .
المطلب الأول: الفطر في السفر رخصة عامة
يرى جمهور أهل العلم أن الفطر في السفر رخصة عامة، سواء حضر المسلم بداية الشهر مقيماً أو مسافراً، وقد نقل هذا القول عن مالك وأبي حنيفة والشافعي والثوري والأوزاعي وأحمد، والعلماء كافة ما عدا بعض التابعين.
وقد استند الجمهور فيما ذهبوا إليه على ما يلي:
١- قوله تعالى:{وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية، وجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى: قد أعطى الإذن في الفطر لكل مريض أو مسافر على أن يقضي الأيام التي أفطرها بعد ذلك.