وعند مقارنتنا للتعاريف التي سنوردها سندرك وجوه الاتفاق والاختلاف بينها، ووجوه التقارب.
وبما أننا أوردنا تعريفا قديما من تعريفات العلماء الذين كتبوا في الأصول على طريقة الشافعية، فينبغي أن نورد هنا أيضا تعريفاً من التعريفات القديمة التي أوردها العلماء الذين كتبوا في الأصول على طريقة الحنفية [٥] ، وسنورد هنا التعريف الذي أورده البزدوي [٦] ؛ لأن البزدوي من أهم العلماء الذين كتبوا في الأصول على هذه الطريقة، وقد اعتمد عليه المتأخرون من علماء المدرسة الحنفية في كتابتهم في أصول الفقه. على الرغم من أنه كان مسبوقا بعدد من علماء الأحناف الذين كتبوا في الأصول، وكان أسبقهم أبو الحسن الكرخي [٧] الذي ألف رسالة في الأصول ذكر فيها الأصول التى عليها مدار فقه الأحناف. ولكنه لم يضع تعريفا محددا لعلم أصول الفقه كما وضعه البزدوي.
يقول البزدوي في تعريف هذا العلم:"اعلم أن أصول الشرع ثلاثة: الكتاب والسنة والإجماع، والأصل الرابع القياس بالمعنى المستنبطة من هذه الأصول"[٨] .
أما أبو حامد الغزالي الذي اتبع في تعريفه لشيخه إمام الحرمين [٩] فيقول: "افهم أن أصول الفقه عبارة عن أدلة هذه الأحكام، وعن معرفة وجوه دلالاتها على الأحكام من حيث الجملة لا من حيث التفصيل"[١٠] .
وقد أورد ابن قدامة نفس هذا التعريف مع الاختصار قليلا حيث قال:"وأصول الفقه أدلته الدالة عليه من حيث الجملة لا من حيث التفصيل"[١١] .
ونسبة لأن تعريف ابن الهمام يعطينا نموذجا مستقلا متميزا عما أوردنا من تعريفات فيستحسن أن نورده للاستفادة منه في تحليل هذه التعريفات. يقول ابن الهمام:"أصول الفقه هو القواعد التي يتوصل بمعرفتها إلى استنباط الفقه"[١٢] .