وكل جيل من الأجيال يمر بالتجربة، ويأتي الجزاء من جنس العمل، جزاء المحسن على إحسانه وجزاء المسيء على إساءته {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} والقرآن الكريم يسجل لنا نتائج كل شيء وبين سمات الهالكين وصفات الناجين لكي نعي ونتدبر ونحذر {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} ومع القرآن الكريم لنعرف سنن الله في خلقه، ونبصر عواقب الأمور ونتائجها، ونرى من تأسوا بنبيهم. وكان القرآن لهم خلقاً كيف صدعوا به وارتقوا؟ والقرآن يوضع لنا مواطن الفوز والنجاة ويبين خصائص من يرفعهم الله ومن يخفضهم، تقرأ القرآن {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} والدراسة تعي الدلالة وتعرف المقصود والتطبيق والعمل، يبين أن من الناس ناساً يتعلقون بالرغائب وينسون العواقب، وربما فقدوا صفاتهم من أجل أن ينالهم عرض من زخرف الدنيا وزينتها، وقد يختلط عليهم إكرام العبد في دار الجزاء وتفاوت الحظوظ في دار الابتلاء فتلهيهم العاجلة عن الآجلة، والقرآن الكريم يوضع ذلك في مواطن كثيرة ليأخذ الناس بأسباب الرفعة وأسباب الحياة {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً فأصحاب فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} وبين القرآن من هم السابقون، ومن هم أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة، ويذكر جزاء كل فريق، ثم يبين في نهاية السورة أن هذا الجزاء مرهون بالأجل، فإذا جاء الأجل - وما أسرع أن يجيء - لقي كل فريق جزاءه {فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ