فواضح أن الآخرة تُطلب بصفات وهذه الصفات لا يتوفر للناس الأمن والسلام إلا بها، فهي لدنيا الناس أمن وسلام، ولآخرتهم نور ورضوان، وواضح أن حسبان الأمر غير هذه الصورة دليل على عدم الشعور بحقائق الأمور {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ} وإذا أصيب الناس بعدم الشعور رغبوا في الزينة والمتاع وغفلوا عما ينتظرهم من حساب وجزاء، ولم يستطيعوا أن يفرقوا بين ما يعطى للإنسان استدراجا وإملاءً وبين ما يعطى تعليماً وجزاءً، إن فقدان الشعور وتبلد الحواس يلحق الإنسان بالأنعام، بل ينزله به دونها، وعندما تختلط الأمور فلا يفرق الناس بين العاجلة والآخرة وبين ما هو فانٍ وما هو باق ويؤثرون ما يفنى على ما يبقى ويحبون العاجلة ويذرون الآخرة. عندئذ تتحول الأمة إلى غثاء كغثاء السيل ولا يغني عنها شيئا من وفرة عددها وكثرة ما بيدها. وهذا ما حذر منه الرسول صلى اللهْ عليه وسلم:"ما الفقرا أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت عليكلم من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم" وفي الحديث المتفق عليه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج إلى قتلى أحد فصلى عليهم بعد ثمان سنوات كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر فقال: "إني بين أيديكم فرد وأنا شهيد عليكم فإن موعدكم الحوض وإنما أنظر إليه من مكاني هذا وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها"، قال فكانت آخر نظرة نظرتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وفي رواية:"ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم" فقال عقبة: فكانت آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. من القرآن الكريم ومن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم نرى نتائج الأعمال وآثارها في نجاة الأمم