إذن هي فترة لها ما بعدها، ومرحلة لها أثرها الخطير في المستقبل: سلبا أو إيجابا. صلاحا أو فسادا، سموا أو هبوطا فلا غرو إن وجدنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام يوجه بحسن استغلال هذه الفترة فيقول:"اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك، وفراغك قبل شغلك" كما نجده يوجه الشباب إلى كل ما يحفظ عليهم صحتهم، ويستبقى قوتهم، ويصون أخلاقهم فيقول:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة -المقدرة على الزواج والقيام بواجباته الحسية والمعنوية- فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". . أي وقاية من الوقوع في الفاحشة والآثام -إنما خص الشباب بوصيته الغالية لحاجتهم إليها بحكم نوازعهم الفطرية والشباب في هذه السن الباكرة يكونون أصلح للتربية والتوجيه، وأسمع للنصح والترشيد. فإذا وجدوا من يأخذ بأيديهم اتبعوه، وعملوا بأمره.
من هنا كان السر في إقبالنا على الشباب، وعنايتنا به ورعايتنا له حتى يمضى إلى غايته الكبرى وهدفه الأسمى مصونا من الانحراف الفكري والتدهور الخلقي والضعف العقلي. أما إذا تركناه هملا بلا رعاية، وسدى بلا ولاية فلسوف يتضعضع كيانه ويضمر بذله وعطاؤه، ويستشرى خطره وفساده فيصبح نقمة بعد أن كان نعمة، ومحنة بعد أن كان منحة، وبلاء بعد أن كان نفحة وعطاء.