٥ـ أن نكون قدوة صالحة لأبنائنا، لأنهم يقلدون الآباء، ويتشبهون بهم، وينشأون على ما عودوهم عليه إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. وأكثر ما تقع أعينهم على آبائهم، فتنطبع صورهم على شاشة فطرتهم، فلنحرص على أن تكون تلك الصور مرسومةً بمداد الاستقامة، لابسة ثياب التقوى. وهم إنما يتأثرون بما يشاهدون أكثر من تأثرهم بما يسمعون، إذ الدلالة الفعلية أقوى أثرا من الدلالة القولية، وإذا اجتمعت الدلالتان فعلتا في النفس فعل السحر، وجذبتا القلب بأسلس عنان:
وينشأ ناشىء الفتيان منا
على ما كان عوّده أبوه
العلماء والشباب:
إن هناك خطراً مريعاً يتهدد شبابنا، وحتى ننبهه إلى هذا الخطر ليأخذ حذره، ويتفادى الوقوع فيه، لابد من دق ناقور الخطر. والسؤال من الذي يدقه؟ والجواب: العلماء فعليهم يقع عبء المسئولية، وواجب الإنقاذ، وإن لم يكن هم فمن؟
العلماء هم الأساة الذين يشخصون الداء، ويعطون جرعات الدواء ويراقبون العلة حتى تذهب، وتحل مكانها الصحة والعافية. وكل مرض ترك وشأنه فتك بالمريض، وأهلكه، فليس هناك مناص من أن يقوم العلماء بواجبهم، ويؤدوه على وجه يرضى ربهم وضمائرهم، ويحفظ شباب الأمة، وإلاّ فهم مسئولون أمام التاريخ، فضلاً عن المسئولية الكبرى أمام الله عز وجل الذي أخذ الميثاق وأكد العهد على العلماء في كل ملة أن يبينوا الحق، ولا يكتموه:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَه ...} ، {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[البقرة ١٥٩- ١٦٠] .