لا يعتبر "المال "في نظر الإسلام حقيقيا إلا إذا كان بطرقه الشرعية، فليس كل مال مهما كانت مصادر الحصول عليه يعتبر "مالا" شرعيا يستطيع المرء المسلم أن يتقرب به إلى الله من نفقات واجبة وصدقات يبتغى بها وجه الله. بل المال مقيد في الإسلام بقيود شرعية وهي تعني طهارة الكسب وأوجه التحصيل، فالأموال المجموعة من أوجه غير شرعية تعتبر أموالا باطلة كأثمان المحرمات "الخمر والميسر وثمن الكلب والخنزير " وما إلى ذلك؛ لأن الله إذا حرم شيئا حرَّم ثمنه. كل هذه الأموال لا تعتبر شرعا بالنسبة لمن يدين بالإسلام، وإن كانت معتبرة في حق غيره ومن هنا نستطيع أن نعرف كيف ينظر الإسلام للمال. إنه ينظر إليه على أنه وسيلة لتبادل المنافع بين العباد ووسيلة للتعايش في الأرض، ولما كان الأمر كذلك أقر الله تبارك وتعالى هذه الخاصية: خاصية حب المادة وحب التملك " للمال"في الناس وهي طبيعة فطرية فطرهم عليها بل وحثَّهم على الطلب والتحصيل من هذه المادة على تفاوت طبقاتهم وسعيهم في طلب الرزق ونهاهم أن ينظروا لغيرهم نظرة حسد وكره لمن فضلوا عليهم في الرزق، وأمرهم أن يسألوه سبحانه وتعالى من فضله {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ}(النساء) فجعل المال فتنة وامتحاناً وميدان سباق للخير والإحسان في نفس الوقت، وجاءت الآيات الكريمة في كلا الوجهين تبين للناس ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وتنهاهم أيضا أن يجعلوا "المال"وجمعه من أي طريق كلَّ غرضهم في الحياة بما لا يقبل المنافاة بين الآياتِ التي تشجع على الكسب والتحصيل، والآيات التي تهدد وتنذر الذين يكتَنِزون الأموال ولا يؤدون حق الله فيها، فآيات الفتنة والامتحان إنما هي في الحقيقة تنذر أولئك الذين جعلوا المال هدفا لذاته، وغاية كل غاية، فقد