التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} . فهو وسيلة للفداء والتضحية في سبيل الله وفي سبيل السعادة الأبدية التي تكفَّل المولى عز وجل بها لعباده المؤمنين. وقد امتدح الله سبحانه وتعالى أصحاب هذه الطبقة في غير موضع من كتابه. وجاءت السنة المطهرة فأيدت ذلك كل التأييد وحثت المسلم على أن يكون له فضل مال يقيم به أوده في الحياة ويتقرب به إلى الله، ويترك لورثته من بعده ما يسد عجزهم من الفاقة والسؤال؛ كقوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبى وقاص رضي الله عنه "إنك إن تذر ورثتك أغنياء- خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" وشجع المسلم على الاكتساب من المال الحلال كقوله عليه الصلاة والسلام "لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه".... بل وعظمت السنة المطهرة شأن المال فجعلته من الكليات التي جاء الإسلام بالمحافظة عليها صيانةً للحقوق المشروعة فيه. فمن قاتل دون ماله وعرضه فقتل فهو شهيد.
هذه نظرة الإسلام إلى المال، نظرة تقدر فيها للعاملين نتيجة كسبهم وكدحهم في الحياة فلا تبخس أحدا ولا تظلم أحدا لمصلحة آخر.
فلا إباحية تبيح للماجنين أن يعيشوا على أَكتاف الآخرين شأن النظرية الماركسية التي تبيح الشيوع وتنادى به، وإنما لكل امرئ نتيجة سعيه لا يعدوه إلى سواه.
ولكن الحكمة الإلهية اقتضت أن يكون في المال نصيب مفروض للبائسين والمحرومين يأخذونه من أموال إخوانهم الذين وسع الله عليهم في الرزق إما بطيب خاطر ورضى نفس كالصدقات وأعمال البر، وإما على سبيل الوجوب والإلزام كالزكاة وجعلت الشريعة الإسلامية مصارف تصرف فيها الأموال لمستحقيها كما بين الله ذلك في مواضع كثيرة من كتابه الكريم.