وفي اعتقادي أن أية أمة من الأمم تطبق هذا المنهج الرباني الخالد في نظام حياتها واقتصادها وشتى شئون الحياة لاشك أنها ستعيش في سعادة كاملة صراحة تامة، لا تعرف معها الفوضى الأخلاقية ولا الحرمان والظلم والجور والأنانية وحقد الطبقات بعضها على بعض كما هو مشاهد اليوم في الدول الاشتراكية بل ولا تشكو من الفائض ولا التضخم المتزايدين اللذين يشكلان الأزمات الاقتصادية لتكدس الثروات بأيدٍ قليلة لها السيطرة التامة على النظام الاقتصادي العام للبلاد.
مزية الاقتصاد الإسلامي
على ضوء ما تقدم نستطيع وضع اللمسات السريعة على مزية الاقتصاد الإسلامي على سائر النظم الاقتصادية الوضعية. السائدة التي لا تقوم ولا تنهض إلا على إنكار الذات الإنسانية ومحاربة الفوارق بين الناس كافة بزعم العدل والمساواة في الطبقات ... يقول الأستاذ العقاد رحمه الله في كتابه الديمقراطية الإسلامية ما نصه:"والمتأمل في حقيقة الأمر يجد أن الفوارق بين الناس متعددة لا تنحصر في شئون الرزق والثروة فحسب، بل منها ما هو فوارق طبيعية تلازم البشرية كافة ولا تكاد تنفصل عنهم ولا يخلون منها على طول الخط.... إذا كان الناس متفاوتين بطبيعتهم فمن الظلم البين أَن تسوي بينهم، وأن تجعل المتقدم منه كالمتخلف- والعامل كمن لا يعمل. ومن المسخ للطبائع أن تحرم الفاضل ثمرة فضله، وتؤمن الكسلان والبليد على عاقبة كسله وبلادته، فلا إنصاف لذي كفاءة في هذه المساواة، ولا فائدة لعاجز فيها، لأن العاجز لا يسلم من عجزه باختياره، وكل ما نجنيه من هذا الإجحاف تعجيز الأكفاء وتثبيط العاملين".