ولقد قلنا مرارا أن القارة الوحيدة التي يجب أن تكون إسلامية هي قارتنا الإفريقية، نادينا بذلك في مؤتمر رابطة العالم الإسلامي وبينا الأخطار التي تتهدد الإسلام فيها بتولية قيادة منظمة الوحدة الإفريقية إلى رئيس غير مسلم، وكتبنا في ذلك المقالات المتعددة وتحدثنا به في غير ما مؤتمر، وهاهو ذلك الخطر يكشف عن وجهه، وهاهو ذا الإسلام غريب في داره، يتيم بين أهله وذويه، لا يجد من يهتم به ولا من يدافع عنه.
ولو كانت دولة الخلافة الإسلامية قائمة لساندت النيجيريين الاتحاديين ولارتفع صوت الإسلام باستنكار المؤامرات المسيحية ضد وحدة التراب النيجيري، تلك المؤامرات التي يشترك في تدبيرها حتى الصليب الأحمر الذي يعتبر منظمة إنسانية حيادية، ومن واجبه أن يبقى كذلك، ويبلغ الأمر إلى أن ينتقل الكرسي الرسولي - كما يسمونه - إلى عين المكان ليبارك المساعي التي تبذل من أجل تعزيز الانفصاليين البيافريين، وإن تظاهر بالدعوة إلى السلام ومحاولة التوفيق بين المسيحية والإسلام, لكن من غير أن يكون هناك طرف وزعامته الروحية المسيحية.
فهل تكون في هذا عبرة للرؤساء والقادة المسلمين الذين جعلوا قضية الإسلام دبر آذانهم، فليراجعوا موقفهم ويعلموا أن سياستهم هذه منبوذة من شعوبهم ولا يرضى عنها أيضا حتى الكمشة من المسيحيين غير المخلصين لأوطانهم من شعوبهم، لأن هذه الكمشة لا تريد أن يعود الحكم المسيحي الاستعماري لبلاد الإسلام والبلاد العربية خاصة.
إننا نهيب بالدول الإسلامية إلى أن تعلن تأييدها للقضايا الإسلامية والدين لا بأي اسم آخر وليتقدم إلى ذلك من عنده بقية من إيمان ولا عليه فيمن خالفه:{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} .