قال ابن درستويه في المرجع السالف الذكر، وكذلك أدير بي وهو بمنزلة أولعت بالشيء، وهو من باب أفعلت رباعي وليس من الثلاثي، وإنما ذكره (أي ثعلب) لأنه مما لم يسم فاعله أيضا، فماضيه بكسر العين، من الفعل الثلاثي والرباعي. وأهل اللغة أو عاميتهم يزعمون أن فعل وأفعل بهمزة وبغير همزة قد يجيئان بمعنى واحد، وأن قولهم دير بي وأدير بي من ذلك، وهو قول فاسد في القياس والعقل، مخالف للحكمة والصواب، ولا يجوز أن يكون لفظان مختلفان لمعنى واحد، إلا أن يجيء أحدهما في لغة قوم والآخر في لغة غيرهم، كما يجيء في لغة العرب والعجم، أو في لغة رومية أو هندية.
وقد ذكر ثعلب أن أدير بي لغة، فأصاب بذلك، وخالف من يزعم أن فعلت وأفعلت بمعنى واحد. والأصل في هذا قد درت ودار رأسي، وهو الفعل اللازم، ثم ينقل إما بالياء وإما بالألف؛ فيقال: قد دير بي، وأدرت فهذا القياس.
ثم جيء بالباء مع الألف، فقيل: قد أدير بي كما قيل: قد أسري بي، على لغة من قال: أسري في معنى سرى، لأن إدخال الألف في أول الفعل والباء في آخره للنقل خطأ، إلا أن يكون قد نقل مرتين إحداهما بالألف والأخرى بالباء، انتهى. ومن الملحوظ أن أسري لغة أهل الحجاز وجاء بهما القرآن الكريم قال تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} .... فهذا من الرباعي وقال تعالى:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} لما فهذا من الثلاثي سرى.
غاظ وأغاظ [٢٠]
تقول غاظني بشيء يغيظني، وقد غظتني يا هذا، فهو من الغيظ الذي يجده الإنسان في قلبه من غضب أو موجدة أو نحو ذلك؛ كما قال الله تعالى:{عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}{قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} وفعله المستقبل يغيظ بفتح أوله، واسم فاعله غائظ، واسم مفعوله مُغيظ، قال الله تعالى:{لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} ، وقال تعالى:{وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ} وقال طرفه بن العبد: