قلت: وكان من الواجب على الإمام أبى جعفر رحمه الله تعالى أن يقارن بين هذه الأسانيد التي ساقها في ترجيح أحد القولين في ضوء صحة هذه الأسانيد، وإلا لم يكن لسياقه هذا لتلك الأسانيد الكثيرة كبير فائدة، مادام ذهب أخيرا إلى تركها كليا؛ لأن القرآن يعارضها وكان يكفي له رحمه الله تعالى في أول القول أنها معارضة بآيات القرآن الكريم كما فصل أخيرا دون أن ينظر نظرته العلمية في ترجيح هذه الأسانيد صحة وضعفا، ومن هنا قد تصدى له في الرد عليه الإمام العلامة الحافظة عبد الرحمن السهيلي في الروض الأنف [٦] إذ قال رحمه الله تعالى (قال المؤلف) أي ابن إسحاق: وكان اليهود إنما اختاروا السبت لأنهم اعتقدوه اليوم السابع ثم زادوا في كفرهم، أن الله استراح فيه -تعالى الله عن قولهم-، لأن بدأ الخلق عندهم الأحد، وآخر الستة الأيام التي خلق الله فيها الخلق الجمعة وهو أيضا مذهب النصارى، فاختاروا الأحد لأنه أول الأيام في زعمهم وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم للفريقين بإضلال اليوم وقال في صحيح مسلم: أن الله خلق التربة يوم السبت، فبين- الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث- أن أول الأيام التي خلق الله فيها الخلق السبت، وآخر الأيام الستة الخميس وكذلك قال ابن إسحاق فيما ذكر عنه الطبري اه.