يعني إذا نزل المطر، وسمي المطر بالسماء لأنّه يأتي من علو، ومنها السماء المبنية كقوله تعالى:{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} .
وأخرج ابن المنذر كما في الدر المنثور عن عكرمة في قوله تعالى:{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً} قال عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما: "يضيء نور القمر فيهن كلهن كما لو كان سبع زجاجات أسفل منها شهاب أضاءت كلهن فكذلك نور القمر في السماوات كلهن لصفائهن".
وأما آية سورة يونس:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً} ، فقد أخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس أنّه قال:"وجوههما إلى السماء وأقفيتهما إلى الأرض".
قال القرطبي في تفسيره:"إن وجه القمر إلى السماء وإذا كان كذلك فنوره في السماوات"، وقال:"معنى (نورا) أي لأهل الأرض ولأهل السماء"، وقال أيضا (ج١١ص٢٨) : "قال ابن زيد الأفلاك مجاري النجوم والشمس والقمر وهي بين السماء والأرض"، وقال القشيري:"إن الشمس وجهها في السماوات وقفاها في الأرض".
قال الآلوسي في روح المعاني (ج١٧ص٣٧) عند آية سورة الأنبياء التي تقدمت في أول البحث قال: "قال أكثر المفسرين: الفلك موج مكفوف تحت السماء تجري فيه الشمس والقمر"، وكذلك قال أبو حيان في البحر المحيط (ج٦ص٣١٠) .
وقال النسفي في تفسيره (ج٣ص٧٨) عند آية سورة الأنبياء ما نصه: "والجمهور على أن الفلك موج مكفوف تحت السماء تجري فيه الشمس والقمر".
فهؤلاء ثلاثة من أئمة الصحابة في مقدمتهم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم تومئ النقول المسند عنهم في تفسير الآيات المتقدمة إلى أنّ القمر والشمس وسائر الكواكب دون السماء المبنية في فلك يسبحون وليس مغروزة في السماء المبنية بل الذي في داخلها نورها لا جرمها.