وقد خشي النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على أمته فقال لا تجعلوا قبري عيدا، والعيد اسم لكل ما يعود ويتكرر. أي: لا تخصصوا لقبري يوما بعينه، تعودونه فيه، فمن خصص يوما من السنة كالثاني عشر من ربيع الأول وقع تحت هذا التحذير، ونحن بهذا لا ننكر زيارة قبره صلى الله عليه وسلم إذا فعلت بالطريقة المشروعة، وبدون شدّ رحال أو تخصيص يوم أو شهر معين لأن شدّ الرحال من أجل العبادة خاص بالمساجد الثلاثة التي جاءت في الحديث:"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"والأعياد المعروفة في الإسلام ثلاثة أعياد فقط: عيد الفطر- وعيد الأضحى- وعيد الأسبوع الذي هو (يوم الجمعة) ، وما عدا ذلك من الأعياد المحدثة ما هو إلا ضرب من البدع الضالة التي قلدنا فيها أعداءنا. ولا شك أن العواطف الكاذبة ودعوى حبّ الرسول صلى الله عليه وسلم هي التي حدت بنا إلى أن نبتدع ولا نتبع، وكيف تجتمع دعوى محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مخالفة أمره في النهى عن الإحداث في الدين (الضدان لا يجتمعان) على حد قول القائل:
تعصي الإله وأنت تزعم حبه
هذا لعمرك في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته
إن المحب لمن يحب يطيع
وقد جعل الله تعالى ميزان محبته ودليلها هو إتباع رسوله صلى الله عليه وسلم: قال تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم} . وبمنطوق الآية لا يعتبر محبا لله من خرج على الإتباع ولجأ إلى الابتداع، وما من شك في أنه يجب على كل مسلم أن يقدم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى على نفسه؛ فقد روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين".