ومن الغريب حقا أن يرمى هؤلاء المبتدعون أهل السنة، والمتمسكين بها بالجمود والتزمت، وغير ذلك من الألقاب التي يطلقونها زورا وبهتانا، ولكن هيهات هيهات أن ينالوا مآربهم فإن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم قد بشرنا ببشارة عظيمة وهى قوله:"لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرة منصورة، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله". لذا فإنه لا ينبغي لعاقل أن يغتر بما يفعله سواد الناس، ودهماء العامة في سائر الأقطار من البدع والمحدثات فإنَّ الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية. قال تعالى {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه} . وقال تعالى {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} وقال تعالى {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} . وقال تعالى {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} . إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الواردة في هذا المعنى.
فالحق أحق بالإتباع ولو خالفه الناس، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها؛ وهو لزوم جماعة المسلمين، والتمسك بالقرآن الكريم، والسنة المطهرة، فهما مصدر كل عِزٍّ وفلاحٍ ونجاحٍ في الدارين. وفقنا الله جميعا للإتباع وجنبنا الزلل والابتداع، إنه ولى ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على رسوله محمد وعلى آله وأصحابه.
طريق الجنة
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر؛ وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ...
وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور؛ وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ... "