أما الميل- وهو فارسي معرب- فقد اختلف في تقديره اختلافا كبيرا وفيما يلي إشارة إلى أهم أقوال العلماء في بيانه وما شهر أو صحح منها وبيان المراد منه بالمتر المعروف الآن: القول الأول: الميل: هو منتهى مدّ البصر من الأرض؛ لأن البصر يميل عن وجه الأرض حتى يفنى إدراكه وبذلك جزم الجوهري.
الثاني: أن ينظر إلى شخص بعيد يقف على أرض مستوية فلا يدرى أرجل هو أو امرأة.
الثالث: ما قاله النووي: أنه ستة آلاف ذراع والذراع أربعة وعشرون أصبعا معترضة معتدلة، وشهر هذا القول الحافظ ابن حجر ثم قال: قد حرر بذراع الحديد المشهور في مصر والحجاز في هذه الأعصار، فوجد ينقص عن ذراع الحديد بقدر الثمن. فعلى هذا: يكون الميل -بذراع الحديد في القول المشهور- خمسة آلاف ذراع ومائتان وخمسون ذراعا.
الرابع: هو اثنا عشر ألف قدم بقدم الإنسان.
الخامس: هو أربعة آلاف ذراع.
السادس: ثلاثة آلف وخمسمائة ذراع، قاله الخرشي، وصححه بعض العلماء.
السابع: ثلاثة آلاف ذراع.
الثامن: ألفا ذراع.
التاسع: خمسمائة ذراع وصححه ابن عبد البر [٥٨] .
وإذا ما رجعنا إلى الأقوال المشهورة أو المصححة وهى الأقوال المنسوبة إلى النووي والخرشي وابن عبد البر، فإننا نجد أن أصح هذه الأقوال -من حيث مطابقته للواقع-: هو قول الخرشي. ونبين ذلك فيما يلي:
أ- طول المسافة على ما قاله النووي -إذا عرفنا أن الذراعين يقدران بمتر واحد، وأنّ كل ألف متر تقدر بكيلو متر واحد- هو ١٢٧ كم (سبعة وعشرون ومائة) كيلو مترا.
ب- وعلى ما قاله الخرشي فإن طول المسافة هو ٨٤ كم (أربعة وثمانون) كيلو مترا.
جـ- وعلى ما صححه ابن عبد البر يكون طول المسافة هو (١٢) كم (اثنا عشر) كيلو مترا.