للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلة التفريق هنا أن جرائم الحدود يصيب ضررها المباشر الجماعة أكثر مما يصيب الأفراد، أما جرائم القصاص والدية، فمع مساسها بكيان المجتمع، إلا أن ضررها المباشر يصيب الأفراد أكثر مما يصيب الجماعة، ولقد كانت الشريعة عملية واقعية في إعطائها حق العفو للمجني عليه بالنسبة للقصاص والدية؛ لأنهما يتصلان اتصالا وثيقا بشخصه، ولأن العفو هنا لا يكون إلا بعد حصول التراضي، والتنازل، وصفاء النفس بين الطرفين، وذلك هو غاية عقوبة القصاص والقصد من ورائها.

لكن يلاحظ هنا أن الشريعة أباحت في حال عفو المجني عليه، وسقوط القصاص أو الدية عن الجاني، أباحت لولي الأمر معاقبة الجاني بعقوبة تعزيرية ملائمة لظروف الجريمة والمجرم [٣] ، أوجب ذلك الإمام مالك [٤] ؛ حتى لا يستغل أسلوب الإغراء المادي للإفلات من العقاب، أو يساء استعمال حق العفو عن المجني عليه.