للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي هذه المرحلة يتعرف الطفل على زملائه في المدرسة ويكون مع بعضهم صداقات وهو ما يسمى في علم النفس الحديث بشلة الرفاق ولأن الحاجة إلى الأصدقاء والرفقاء من الأمور الطبيعية والمهمة فقد اهتمت التربية الإسلامية بذلك، ودعت إلى أن يختار الأب لابنه الأصدقاء المؤمنين والجلساء الصالحين ليس بطريقة مباشرة وإنما باختيار أصدقائه هو ممن لهم مثل أبنائه وتوطيد صلته بهم حتى تنشأ العلاقة بين الأطفال بحكم سنهم، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي" [١٦] , ويقول: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، أو تشتري منه، أو تجد منه ريحا طيبا، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحا منتنة" [١٧] ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم- مبينا أن الفرد يقارن بخليله سيئا كان أم حسنا-: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" [١٨] , والقرآن يوضح أن أصدقاء الشر أعداء لبعضهم يوم القيامة وأن أصدقاء الخير والتقوى سعداء حتى في الآخرة {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} (الزخرف ٦٧) ويقول تعالى موضحا أثر رفقة السوء على الإنسان وندمه على ذلك {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً} (الفرقان ٢٧- ٢٩) وقد نبه علماء التربية في الإسلام أمثال ابن سينا والغزالي وغيرهما إلى أهمية هذه الناحية في التربية وأثر اختيار الأصدقاء على مستقبل الأطفال وتوجيههم إلى الخير والشر، فابن سينا يرى أن الطفل يتأثر برفيقه ويكتسب منه كثيرا من العادات لما ركب فيه من نزعة التقليد والمحاكاة فيقول: