بل وكلمة المساواة التي دنستها ألسنة الغرض والسوء، قالها القرآن صادقة صافية ألزم بها الرجل، بقوله تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنّ} ، وليس لها فقط ماله في جوهر العشرة، وإنما كذلك في الشكل والمظهر، فكما يحبُّ مثلا أن يراها أمامه نظيفة وبهندام حسن، يجب عليه نحوها كذلك، فقد حدث أن امرأة ذهبت إلى عمر رضي الله عنه تطلب منه أن يطلقها من زوجها، ودعا بزوجها فرآه رث الهيئة قبيح المنظر، فأمر به فاغتسل، وألبس ثوبا نظيفا، ورُجِّل رأسه ولحيته، ثم طلب عمر المرأة فقال لها، أطلقك من الأول وأزوجك بهذا، فكان أن ضحكت وأدركت أن عمر عرف ما تريد، وعادا على وفاق بعد أن كانا على طلاق، ثم تقول الآية {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} ، فبعد أن ساواها القرآن بالرجل، بأن يكون لها مثل الذي عليه، لم يجعل الزيادة المفضلة له إلا بدرجة واحدة، فلم يُثَنِّها سبحانه ولم يجمعها حتى لا تضخم عند هواة التسلط على النساء، فلا ينبغي أن تفسر الدرجة بأنها فرض السيطرة أو التحكم، وإنما تفسر بأن له عليها الطاعة في غير معصية الله وخدمة بيته وبنيه، وذلك مقابل مشقة القوامة، والتي اختص بها الرجل تكليفا من ربه وبصيغة المبالغة {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ، فهو تكليف أكثر من التشريف، ومع هذا رفضت المرأة (الحديثة) مجرد هذه الدرجة الواحدة، بل حتى رفضت نفس القوامة، لما وقفت امرأة بجرأة الفاقدة لحيائها أمام القاضي- وهى محامية في قانون الكفر الفرنسي- لتقول:"لقد سقطت قوامة الرجال علينا لما أصبحنا موظفات"، قالت ذلك مع علمها بتفضيل الله الرجل عليها بأمور عديدة، فهو الذي ذهب لخطبتها، وهو الذي نقلها إلى مسكنه بعد أن أعده لها، وهو الذي يسبب لها الإنجاب، وهو الذي يحميها وأولادها بساعده القوي من العاديات، وأخيرا هو الضارب في الأرض بحثا عن قوتها وقوت عيالها، ولو