وعن تعليم المرأة، نقول: إن الإسلام حرص على تعليم أبنائه رجالا ونساء، لكن على أساس مهمة كل منهما التي عينها لهما الخالق في هذه الدنيا، فللحياة مكانان ليس سواهما، داخل الدار وخارجها، وجعل الدار للأنثى ليكرمها ويصونها في المكان اللائق بها، ولهذا كان أمره الصريح سبحانه إليهن {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} ، ولم تكن بهذا الأمر الكريم الحافظ لها تماما سجينة الدار، فقد سمح لها ولسنين وصلت بها إلى ما قبل سن الاشتهاء، أن تأخذ قسطا كبيرا من التعليم، يمكنها به عندما تُردُّ إلى مقر كرامتها في البيت أن تعرف كيف تعبد ربها وتدير بيتها، بل ويمكنها أن تقرأ وما أيسر الكتب، بما يزيدها معرفة وعلما وقت فراغها من عمل البيت، وهكذا لم يجعلها الإسلام حبيسة لا تفكر ... ولا تعبر، بل أباح لها حتى في وقت الخجل عندما تُخطب، أن تبدي رأيها في خاطبها، ثم لما تصبح زوجة لم يجعل الإسلام بيت الزوج سجنا والزوج سجّان على بابه، وإنما لو خرجت أمثلة لحاجة المرأة إلى الخروج في صلاة الجماعة والعيدين والحرب أباح لها الخروج للتزاور والعلاج وصلة القربى، فقط حتى لا تهان يكون زوجها أو أحد محارمها أو رفقة من نسوة يصاحبنها في ذلك.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت (سودة) - رضي الله عنها- زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجتها بعدما ضرب الحجاب، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر فقال: يا سودة، أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين؟ قالت عائشة: فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وإنه ليتعشى وفي يده عَرْق (اللحم المتصل بالعظام) فدخلتْ فقالت: يا رسول الله، إني خرجت لبعض حاجتي، فقال لي عمر كذا وكذا، قالت عائشة: فأوحى الله إليه ثم رفع عنه، وإن العرق في يده ما وضعه، فقال:"إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن"، أخرجه البخاري في صحيحه.