للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كطارح في سبغ ما يبذره.

وباذل النّصح لمن لا يشكره

إن هو لم يحمده عند المخبر

لا خير للعاقل في ذي المنظر

خير إذا لم يك ذا وفاء

وليس في الصديق ذكر الصفاء

كأس سمو واقتدار يبطره

الرجل العاقل من لا يسكره

لا تقدر الريح على تحويله

فالجبل الثابت في أصوله

يطغى إذا ما نال أدنى منزله

والناقص العقل الذي لا رأي له

مالت به فأقبلت وأدبرت [٢٩]

مثل الحشيش أيّما ريح جرت

وبنظم أبان لهذا الكتاب، ولقيانه المكافأة الجزيلة من البرامكة، وبإقبال الناس عليه، أقبل غيره من الشعراء على نظم هذا الكتاب كذلك، والنّسج على منواله.

ومن هنا تدافع الشعراء ينظمون الشعر التعليمي في عدة أبواب من المعارف والعلوم والفنون، فاستخدموه في الصراع العقدي والمذهبي، وفي الحكمة والموعظة، وفي الفلك والنجوم، والسيرة والتاريخ، وفي اللهو والمجون والحب وأصوله وقوانينه! ...

ففي ميدان الصراع العقدي والمذهبي:

كان بشر بن المعتمر يفيد من هذا اللون الشعري في الصراع المذهبي، وتأييد وجهة نظر الاعتزال، وتابعه جماعة من الشعراء الذين أثارهم بشار بن برد بما ذهب إليه من تفضيل النار على الأرض، وإبليس على آدم في أبياته التي يقول فيها:

فتبينوا يا معشر الأشرار [٣٠]

إبليس أفضل من أبيكم آدم

فتصدوا له يردون عليه مبينين أن للأرض الفضل على النار، ذلك لأنها أصل النار، وأنّ النار موجودة فيها (بالقوة) ، وأنّ في الأرض أعاجيب لا تحصى ولا تعد من المعادن والنبات والعناصر الأخرى ...