للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحاكم يقضي على غائب

ثم يعود الشاعر فيعدد الحيوان ويذكر طبائعه، وأنه في طلب رزقه يقلد بعضه بعضا، وعلى مثالهم في هذا أبناء آدم، إلاّ أنهم مختلفون في الدين، ومتفاوتون في الرأي والقدر، وقد تحكمت فيه واستولت عادة الاتباع والتقليد:

وعنصر أعراقه تسري

وكل جنس فله قالب

مثل صنيع الأرض والبذر

وتصنع السرفة فيهم على

يحتال الأكبر بالفكر

والأضعف الأصغر أحرى بأن

أحوجه ذاك إلى المكر.

متى يرى عدوه قاهرا

صاح فجاءت رسلاً تجري.

كما ترى الذئب إذا لم يطق

يحجم أو يقدم أو يجري

وكل شيء فعلى قدره

والفيل كالأعلم كالوبر

والخلد كالذئب على خبثه

والأبغث الأعثر كالوبر

والعبد كالحرّ وإن ساءه

تفاوتوا في الرأي والقدر

لكنهم في الدّين أيدي سبا

فناصبوا القياس ذا السَّبر

قد غمر التقليد أحلامهم

فإنما النجح مع الصبر

فافهم كلامي واصطبر ساعة

يكره أن يجري ولا يدري [٣٢]

وانظر إلى الدنيا بعين امرئ

وحين أنشأ بشار قصيدته المتقدم ذكرها في تفضيل النار وإبليس على الأرض وآدم أنشأ صفوان الأنصاري قصيدته المضادة في تفضيل الأرض وآدم، فقال:

وفي الأرض تحيا بالحجارة الزند

زعمت بانّ النار أكرم عنصراً

أعاجيب لا تحصى بخط ولا عقد

وتخلق في أرحامها وأرومها

من اللؤلؤ المكنون والعنبر الورد

وفي القعر من لج البحار منافع

زبرجد أملاك الورى ساعة الحشد

وفي قلل الأجبال خلف مقطم

لهن مغارات تبجس بالنقد

وفي الحرّة الرجلاء تلقي معادن

تروق وتصبي ذا القناعة والزهد

من الذهب الإبريز والفضة التي