وأما في الثانية فقد وقف على جهود للراغب في كل من اللغة والأدب والتفسير والفرق الإسلامية والتربية والأخلاق مما يستحق أن يفرد له مقالة برأسها، وهانحن هنا نحاول أن نَرصد جهوده اللغوية، والله من وراء القصد.
جهوده في اللغة:
آثاره اللغوية:
وفي بداية تعرفنا على جهود الراغب الاصفهاني في الأدب واللغة نحاول أن نتعرف أولاً على آثاره الأدبية واللغوية ولعلها تنحصر في (محاضرات الأدباء) وفي (مجمع البلاغة) وفي (المفردات في ألفاظ القرآن) ، ولم تخل سائر آثاره من الخبرة العميقة باللغة ومن استخدامها في الوصول إلى الحقائق المبتغاة.
أما (محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء) فلعله أشهر مصنفات الراغب على وجه الإجمال، "فهو خزانة أدب وشعر وحكم وأمثال"كما يذكر أحد الباحثين [٥] , "وخير ممثل لثقافة العصر الذي عاشه الراغب"كما يقول باحث أخر [٦] , يقع في خمسة وعشرين باباً، يسمي كل باب حدا، ويتضمن كل باب موضوعات تتفرع عن العنوان الأساسي للباب.
ففي الباب الأول وعنوانه (العقل والعلم والجهل وما يتعلق بهما) يبحث في الموضوعات التالية (العقل والحمق وذم اتباع الهوى، ما يحد به العقل وبنوه والحمق وذووه، الحزم والعزم والظن والشك ٠٠٠)[٧]
يقول في المقدمة:"وقد ضمنت ذلك طرفاً من الأبيات الرائقة والأخبار الشائقة ٠٠٠"[٨] ، وكان يحرص أن يجمع هذه الأخبار وهذه الأبيات من جيد المنثور والمنظوم مما سبق من عهود التراث، في موضوعات متنوعة من الثقافة والأدب والاجتماع، جرياً على عادة الكتاب في القرن الثالث والرابع الهجريين من (أن الأدب هو الأخذ من كل علم بطرف) . ويبدو أنه كان يرمي إلى أن يجعل من كتابه مادة تعليمية ينهل منها الشادون في الأدب والمتعلمون.