أولاً: ما تقدم عن ثلاثة من سادات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مخبرين عنه بلعنه زائرات القبور، وهو إما خبر عن الله فهو خبر صدق, وإما دعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيا ويل من دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا اللعن مفيد لحكمين هما: التحريم والوعيد فهذا الوعيد الشديد دليل على أن زيارة النساء للقبور محرمة بل وكبيرة من الكبائر، لأن معنى اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى. قال الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) - ما نصه:"إن العلماء متفقون على وجوب العمل بأحاديث الوعيد فيما اقتضته من التحريم، وإنما خالف بعضهم في العمل بآحادها في الوعيد خاصة، فأما بالتحريم فليس فيه خلاف معتد به"إلى أن قال: "بل إذا كان في الحديث وعيد كان ذلك أبلغ في اقتضاء التحريم على ما تعرفه القلوب".
ثانيا: روى الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والنسائي في سننهما، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك من حديث ربيعة بن سيف المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبُلى عن عبد الله بن عمرو قال:"قبرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، فلما فرغنا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرفنا معه، فلما حاذينا به وتوسط الطريق إذا نحن بامرأة مقبلة، فلما دنت إذا هي فاطمة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أخرجك يا فاطمة من بيتك؟ قالت: يا رسول الله رحمت على أهل هذا الميت ميتهم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلعلك بلغت الكُدَى - يعني: المقابر، بضم الكاف وفتح الدال المهملة مقصورا- قالت: معاذ الله وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر. قال: لو بلغت معهم الكُدى ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك. فسألت ربيعة عن الكُدى فقال: القبور".