الرابع: حمل سؤالها للرسول صلى الله عليه وسلم وتعليمه إياها على أنها مبلغة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثل هذا في السنة كثير في تعلمها وأخذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تخبر به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم مع عدم شرعيته في حق النساء. قال الزركشي- في الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة- أخرج مسلم عن داود بن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه كان قاعداً عند عبد الله بن عمر إذ طلع خباب صاحب المقصورة فقال: يا عبد الله بن عمر ألا تسمع ما يقول أبو هريرة إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها نم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها تم رجع كان له من الأجر مثل أحد" فأرسل ابن عمر خباباً إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ثم يرجع إليه فيخبره بما قالت. وأخذ ابن عمر قبضة من حصى المسجد يقلبها في يده حتى رجع إليه الرسول فقال: قالت عائشة: صدق أبو هريرة. فضرب ابن عمر بالحصى الذي كان في يده الأرض وقال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة" اهـ.
وقد لاح لك مما تقدم من الأحاديث الصحيحة أن هذا العموم لم يتناول النساء لورود النهي الخاص من النبي صلى الله عليه وسلم عن اتباعهن الجنائز فكذلك ما هنا فاحفظ ذلك وكن به حفيا وتدبر بعين البصير بمرامي الشريعة وقواعدها فسيظهر لك بمعونة الله صحة ما ذكرناه ورجحان ما أبديناه ولا حوله ولا قوة إلا بالله.
وخلاصة القول أن في حمل الحديث على أحد الوجوه المذكورة جمعاً بعين الأحاديث وتأليفاً لسنن كثيرة نذكر فيها ما يلي:
أولاً: موافقته للنهي الخاص من النبي صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور كما في أحاديث اللعن وما في معناها كحديثي عبد الله بن عمرو وعلي رضي الله عنهم.