وساق الشاطبي في الاعتصام من حديث:"المدينة حرم ما بين عير إلى ثور من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلا" وهذا الحديث في سياق العموم فيشمل كل حدث أحدث فيها مما ينافي الشرع، والبدع من أقبح الحدث وهو وإن كان مختصاً بالمدينة فغيرها أيضا يدخل في المعنى ... ويروى عن أبي أويس الخولاني أنه قال:"لأن أرى في المسجد ناراً لا أستطيع إطفاءها أحب إلي من أن أرى فيه بدعة لا أستطيع تغييرها".
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم وعليكم بالأمر العتيق". وكان السلف يقولون:"احذروا من الناس صنفين: صاحب فتنة فتنهُ هواه، وصاحب دنيا أعجبته دنياه". وقال أبو عمير عيسى بن محمد النحاس في صفة الإمام أحمد رحمه الله:"عن الدنيا ما كان أصبره وبالماضين ما كان أشبهه وبالصالحين ما كان ألحقه، أتته البدع فنفاها والدنيا فأباها، وخصه الله بنصرة دينه والقيام بحفظ سنته ورضيه لإقامة حجته ونصر كلامه حين عجز عنه الناس".
ويروى عن الإمام مالك رحمه الله:"لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً".
وإلى هنا انتهى ما أردنا جمعه وكان ذلك في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم جعلها الله آمنة مطمئنة وسائر بلاد المسلمين والحمد لله الذي بتوفيقه تتم الصالحات. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.