وروى عبد الرزاق عن ابن عيينة، قال أخبرني عاصم بن عبيد الله بن عاصم عن ابن عبد الله بن عامر بن ربيعة "أن عمر بن الخطاب أمر رجلا صام رمضان في السفر أن يقضيه، قال: وأخبرنيه عمرو بن دينار عن كلثوم بن جبر عن عمر"[٤] .
وروي عن أبي سعيد مولى المهري، قال:"أقبلت مع صاحب لي من العمرة فوافينا الهلال هلال رمضان فنزلنا في أرض أبي هريرة في يوم شديد الحر فأصبحنا مفطرين إلا رجلا منا واحدا، فدخل علينا أبو هريرة نصف النهار فوجد صاحبنا يلتمس برد النخل. فقال: ما بال صاحبكم؟ قالوا صائم، قال: ما حمله على ألا يفطر؟ قد رخص الله له، لو مات ما صليت عليه". قال الحافظ ابن حجر- عن هذا الأثر- "موقوف صحيح". ونقل محقق المطالب العالية، عن البوصيري قوله عنه:"رجاله ثقات"[٥] .
وقد نقل هذا القول أيضا- بالإضافة إلى سعيد بن جبير- عن عدد من التابعين، كالزهري والنخعي وغيرهما [٦] .
وقد ذهب إلى ذلك من الفقهاء بعض أصحاب داود الظهري والشيعة الإمامية كما أشرنا من قبل إلى ما قاله ابن حزم بشأن وجوب الفطر على الصائم المسافر إذا بلغ ميلا أو تجاوزه [٧] .
ويتلخص رأي هذا الفريق، بأن الفطر في السفر عزيمة فمن خالفها وصام فقد اقترف إثما ولا يعتد بما صامه شرعا ويجب عليه قضاء هذه الأيام بعد انتهاء رمضان وانقضاء سفره.