وتغنى شعراء المسلمين بالمن على الأسرى وإطلاق سراحهم وجعله من أكرم الصفات وأنبل الأفعال إذ يقول شاعرهم:
إذا أثقل الأعناق حمل المغارم
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم
الإسلام يدعو لتحرير الرقيق:
اعتبر الإسلام الرق عارضا حتى قال العقاد رحمه الله:"شرع الإسلام العتق ولم يشرع الرق؛ إذ كان الرق مشروعا قبل الإسلام في القوانين الوضعية والدينية بجميع أنواعه: رق الأسر في الحروب، ورق السبي في غارات القبائل بعضها على بعض، ورق الاستدانة أو الوفاء بالدين"[٣] وغير ذلك مما كان القوم يستحدثونه.
ولهذا شرع الإسلام وسائل كثيرة إن حصل رق في حرب وذلك مساعدة للأرقاء على استرداد حريتهم، واستقلالهم، فأوصى الله سبحانه وتعالى بالأرقاء وبالدعوة إلى إطلاق سراحهم. وكما أوصد الإسلام كل أبواب الرق المحرمة فإنه فتح أبواب التحرير على مصاريعها لأنه يدعو إلى الحرية ورفع نير الاستعباد والاضطهاد وإزالة كل وسائل الامتهان والاحتقار والسخرية والازدراء، وبهذا ألغى جميع صور ومصادر الرق الأخرى المبنية على الظلم والجور والحيف والتعسف واعتبرها محرمة شرعا لا تحل بحال.
دعا الإسلام إلى مكاتبة الأرقاء، وندب إلى إعتاقهم وحث على ذلك فقال تعالى في كتابه العزيز:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}(النور الآية ٣٣) .
ومما ورد في سبب نزولها ما أخرجه ابن السكن في معرفة الصحابة عن عبد الله بن صبيح عن أبيه قال:"كنت مملوكا لحويطب بن عبد العزى فسألته الكتاب فأبى فنزلت الآية"[٤] .