هذا المصطلح يعني عند الأصوليين اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر من العصور على حكم واقعة من الوقائع [٥] ولقد قرر العلماء بأن الإجماع بهذا المعنى قد تقررت حجيته في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة. وجاء عمل الصحابة موافقا لهذا التقرير كما اعتقد التابعون حجية الإجماع بناء على نصوص من القرآن والسنة [٦] .
ومما أورده العلماء من الكتاب الكريم كدليل على حجية الإجماع قوله تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً}(النساء الآية١١٥) فقد استدلوا بهذه الآية على أن إجماع المسلمين المتمثل في إجماع مجتهديهم حجة يجب اتباعه وتحرم مخالفته كما تحرم مشاققة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومما أورده العلماء من السنة النبوية كدليل على حجية الإجماع قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تجتمع أمتي على خطأ".
وقوله:"من خالف الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه". فقد استدل العلماء بهذين الحديثين أيضا على أن إجماع أئمة المسلمين حجة يجب اتباعه واستقاء الأحكام منه.
بجانب هذه النصوص السالفة فقد أورد العلماء آيات وأحاديث عديدة في هذا المضمار لكنا نكتفي بهذا في هذا المقام عازمين على تفصيل القول في هذه الاستدلالات عند حديثنا عن الإجماع كَأصل ثم مواقف المذاهب المختلفة منه.
وكما أشرنا فقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم هذا الدليل وعملوا بمقتضاه، وكذلك فعل التابعون, فكان موقفهم دليلا آخر على حجية الإجماع يضاف إلى هذه النصوص.
ومن هنا نستطيع القول أن الإجماع قد تقررت حجيته كَأصل من أصول الفقه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.