أما الثالث: فهو فضلا عن أنّ فيه صورة العصبية فإنّه أبعد أن يكون في الصدر الأول، ولا سيما للمسجد إمام مسؤول عنه، وقد صلوا جميعا بصلاته فريضة العشاء، فكيف يتنازعون عليه في النافلة.
إختصاص أهل المدينة بهذا العدد:
وهل هذا العمل خاص بأهل المدينة أم لغيرهم لمن أراد المنافسة في الخير؟.
فقد ناقش العلماء هذه المسألة: فأكثر الشافعية يقولون هو خاص بهم.
قال الزركشي الشافعي في كتابه إعلام الساجد: في خصائص المدينة في المسألة العشرين: قال ما نصه: "قال أصحابنا وليس لغير أهل المدينة أن يجاوروا أهل مكة ولا ينافسوهم"انتهى.
وقال ولي الدين العراقي في طرح التثريب ج١ص٩٨ ما نصه:"وقال الحليمي من أصحابنا في منهاجه فمن اقتدى بأهل المدينة فقام بست وثلاثين أيضا لأنهم إنما أرادوا بما صنعوا الاقتداء بأهل مكة في الاستكثار من الفضل لا المنافسة كما ظن بعض الناس".
والظاهر من مذهب المالكية أنفسهم أنها ثلاث وعشرون ركعة، أي في غير المدينة.
وجاء عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المجموع ج٢٢ص٢٧٢ في كلامه على قيام رمضان ما نصه: قال: "ثم كان طائفة من السلف يقومون أربعين ركعة ويوترون بثلاث، وآخرون قاموا بست وثلاثين، وأوتروا بثلاث وهذا كله سائغ فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن".
وعلى هذا فلا يقوم دليل على خصوصية هذا العدد بأهل المدينة إلاّ بالعمل وبالنقل على مدى الزمن إلى القرن السابع ومن ثم إلى أواخر عهد الأشراف وقبل العهد السعودي.
وقد تقدم أن سبب زيادة أهل المدينة على أهل مكة أن أهل مكة كانوا يطوفون بين كل ترويحتين سبعا ويصلون ركعتين سنة الطواف فجعل أهل المدينة مكان كل طواف ترويحة زائدة حتى بلغ عدد تراويحهم ستا وثلاثين.