ذكر الدكتور (فان ديك) ، إن المماثلة في المعاملة في أحقاب كثيرة من عصور الدولة الإسلامية لأهل الذمة غير المسلمين، قد هيأت لهم إظهار مواهب وقدرات كثيرة منهم، مثل (عبد الملك بن أبهر) ، الذي سكن الإسكندرية في عهد عبد العزيز بن مروان، وقبله (يوحنا النحوي) الذي كان في عهد عمرو بن العاص، والطبيب (ثيوذوكس) والطبيب (ثيودون) الروميان في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي، و (جيوجيوس) الطبيب الخاص للخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، و (بختشيوع) الطبييب الخاص للخليفة هارون الرشيد، واستمرت عائلة (بختشيوع) تتوارث حرفة الطب عند الخلفاء والأمراء المسلمين إلى عام ٥٤٠ الموافق لعام ١٠٥٨م.
كما ذاع صيت (عبد السميع بن نعيمة) و (البطريق) و (صالح بن يسهلة) و (عبدوس بن يزيد) و (موسى بن إسرائيل الكوني) و (عائلة الطغيوري) في الترجمة من العربية إلى مختلف اللغات وبالعكس في مختلف أعمال الدولة الإسلامية، كما اشتهر آخرون كثيرون في أعمال أخرى من الهنود والفرس واليهود والنصارى عند الخلفاء. انتهى ما ذكره (فان ديك) .
بل إن رأي جمهور الفقهاء أن حالة الحرب لا تمنع الاتجار بيننا وبين دول الأعداء عن طريق (المستأمنين) ، اللاجئون الذين أعطوا الأمان، وأنه لا حرج في أن تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب لتباع فيها غلاة المسلمين ومنتجاتهم، فيما عدا أسلحة القتال، والشافعي رحمه الله هو الذي خالف في ذلك، وحجة الفقهاء في ذلك ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حينما أرسل إلى أبي سفيان قبل أن يسلم قدرا من تمر العجوة وخمسمائة دينار ليوزعها على أهل مكة حين أجهدهم القحط.
وأورد ابن قدامة صاحب المغني ما يلي:
إذا دخل حربي دار الإسلام بأمان فأودع ماله لدى مسلم أو ذمي، أو أقرضهما إياه، ثم عاد إلى دار الحرب، نظرنا.