للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن علم الإمام أحمد نقول: إن أبا عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني قد طلب العلم طلبا عاديا فلم يطلب الحديث ولم يجلس بين يدي رجاله إلا بعد أن بلغ السادسة عشرة من عمره كما ذكر ذلك غير واحد من المؤرخين له. غير أنه فارق دياره ورحل في طلب الحديث والفقه في فجاج البلاد طولا وعرضا، ورحل إلى اليمن ماشيا على قدميه، لقلة ذات يديه. وأقام بها زهاء العامين يطلب الحديث من رجالها كعبد الرزاق صاحب المصنف ونالته في ذلك مشقة كبيرة ظهرت على جسمه وصحته العامة ولما وصل مكة وقيل له أجهدت نفسك يا أبا عبد الله قال رحمه الله: ما أهون المشقة فيما استفدنا من عبد الرزاق كتبنا عنه حديث الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه وحديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. كما روى الحديث عن يحي بن معين وإسحاق بن راهوية، والشافعي رحمهم الله تعالى. وقد دعاه إلى زيارة مصر فلم يقدر لعجزه المادي. ولما التقى به في رحلته الثانية إلى بغداد قال له: يا أبا عبد الله إذا صح الحديث عندك فأعلمني به أذهب إليه حجازيا كان أو شاميا، أو عراقيا أو يمنيا. قال ابن كثير رحمه الله تعالى: إن في قول الشافعي هذا لأحمد لإجلالا كثيرا وشهادة في العلم عظيمة.

وحسب الإمام شهادة مسنده الذي خرجه من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألف وجمع فيه من الحديث ما كاد يحوي الكتب الستة إلا قليلا، وقال ولده عبد الله كان أبي يحفظ ألف ألف حديث أي مليون حديث.

وهاهي ذي شهادات العلماء له بالعلم والسعة فيه، والفضل والكمال لديه قال الإمام الشافعي خرجت من العراق فما تركت رجلا أفضل ولا أعلم ولا أورع ولا أتقى من أحمد بن حنبل.

وقال البخاري لما ضُرب أحمد بن حنبل كنا بالبصرة فسمعت أبا الوليد الطيالسي يقول: لو كان أحمد في بني إسرائيل لكان أحدوثة.