هذا الاستفهام:{أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} يفيد التقرير والتقريع والتوبيخ. التقرير على معنى حمل المخاطب على الاعتراف بم تضمنه السؤال على جهة الإثبات أو النفي، وقد اعترف أهل النار المخاطبون على جهة الإثبات في الآية التي تلت هذه الآية:{قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ} .
وأفادت الهمزة هنا أيضا التقريع والتوبيخ: يقرع الله سبحانه وتعالى أهل النار ويوبخهم على تكذيبهم بآيات الله واتخاذهم المؤمنين سخريا.
الآية الخامسة قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً} الآية (٤٠) من سورة الفرقان.
في هذه الآية الكريمة يخبر الله سبحانه وتعالى عن كفار مكة أنهم كانوا يمرون كثيرا على سدوم عظمى قرى قوم لوط التي أمطرت من السماء بالحجارة فدمرت على من فيها تدميرا، وأنهم كانوا يرونها ويرون ما حل بها وبأهلها قوم لوط لارتكابهم الفاحشة ومخالفتهم أوامر الله، ولكن كفار مكة لم يجدوا في هلاك أهلها عبرة وذكرى، لأنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث والنشور ويوم الحساب.
والهمزة في قوله تعالى:{أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا} تفيد التقرير والتوبيخ: تفيد التقرير على معنى الإخبار أي كانوا يرونها، وتفيد التوبيخ: يوبخ الله سبحانه وتعالى أولئك الكفار على أنهم لم يعتبروا برؤيتها وبما حلّ بأهلها فمروا بها كما مرّت ركابهم.