٤) في الأمر بالتقوى، والتوسل، والجهاد دعوة المؤمن إلى العلم، والمعرفة، والمفروض أن تكون حاصلة له قبل القول والعمل، إذ لا يتأتى للعبد أن يتقي وهو يعرف لا يعرف ماذا يتقي، ولا أن يتوسل وهو لا يعرف بماذا يتوسل، ولا أن يجاهد وهو لا يعرف من يجاهد، ولا بماذا يجاهد؟ ولا ما الغاية من جهاده؟ ومن هنا كان المؤمن ملزما بطلب العلم، والحصول عليه، ومهما كان الثمن، وكانت المشقة، إذ لا يخطو خطوة واحدة في مضمار طلب النجاة، والكمال، والإسعاد في الدارين إلا بعد العلم والمعرفة. ولذا لا يوجد وليّ لله من عباده جاهل به تعالى، وبالطريق إليه المتمثلة في معرفة محابه، ومساخطه من الاعتقادات، والأقوال، والأفعال.
٥) في الأمر بالجهاد في ميادينه الأربعة التي مرت آنفا وهي جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الفساق، وجهاد الكفار. في الأمر به دفع للمؤمن إلى القوة والكمال الذاتي، والخلقي، والروحي، تلك القوة التي بدونها لا يكمل، ولا يسود، ولا يقود، إنه بجهاده في هذه الجبهات الأربعة وبانتصاره فيها يكون قد آمن لنفسه المناخ الصالح، والساحة النقية للعبادة الحرة، والترقي في مدارج الكمال فيها، بأداء الفرائض، والنوافل، مع التخلي عن النقائص، والرذائل حتى يصل إلى مستوى الحب. فيعلن في السماء عن حبه، ويلقى له القبول في الأرض فلا يراه عبد صالح مثله إلا أحبه.
هذا بعض ما في آيتنا هذه من هداية، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.