ويستدل عن وجود هذه الصيغ المختلفة في اللغات السامية على أن تلك الصيغ (أفعل- هفعل- شفعل – سفعل) كانت مستخدمة جميعا عند الجماعات السامية الأولى للدلالة على المعاني المختلفة، وأخذت بعض تلك الصيغ تضيع من الاستعمال في بعض اللهجات وتهمل لأسباب تتفق وطبيعة تلك الشعوب.
كما أخذت كل جماعة من الجماعات السامية تكتفي بصيغة واحدة من هذه الصيغ للدلالة على المعاني المختلفة التي تستفاد منها.
وقد بقيت بعض آثار الصيغ الأخرى في كثير من اللغات السامية لكي تدل على أن الصيغ المهملة كانت في القديم متداولة وشائعة بين الجماعات السامية الأولى، وتوجد في اللغة العربية آثار لبعض الأوزان الأخرى، وقد فطن النحويون واللغويون العرب لذلك، فقد جاء في كتاب المقتضب للمبرد المتوفى سنة ٢٨٥ هجري: أرقت وهرقت وإياك وهياك [٣] .
وجاء في كتاب الأفعال لابن القوطية المتوفى سنة ٣٦٧ هجري ما يلي:
وهرقت الماء هرقا، وأهرقته ويقال إن الهاء في هرقت مبدلة من همزة فيكون حينئذ رباعيا مستقبله أربعة وقالوا أهريقه [٤] .
وجاء في كتاب المنصف لابن جني المتوفى سنة ٣٩٢ هجري (وقد قيل إن الهاء في هجرع وهو الطويل فالهاء زائدة كأنه من الجرع وهو المكان السهل المنقاد. وهو من معنى الطول، وكذلك هبلع وهو الأكول مأخوذ من البلع أما هركولة وهو المرأة الجسيمة فذهب الخليل فيما حكاه عنه أبو الحسن إلى أن الهاء زائدة ووزنه هفعولة أخذه من الركل وهو الرفس بالرجل كأنها لثقلها تركل في مشيتها أي ترفع رجلها وتضعها بقوة كالرفس [٥] .
وجاء في شرح المفصل لابن يعيش المتوفى سنة ٦٤٣هجري ما يلي:
اعلم أنهم قالوا: أهراق فمن قال هراق فالهاء عنده بدلا من همزة أراق على حد هردت أن أفعل في أردت ونظائره [٦]