وقال الرضى في شرح الشافية [١٠] : "فاعلم أن المعنى الغالب في أفعل للتعدية تعدية ما كان ثلاثيا وهي أن يجعل ما كان فاعلا للازم مفعول لمعنى الجعل فاعلا لأصل الحدث على ما كان، فمعنى (أذهبت زيدا) جعلت زيدا ذاهبا فزيد مفعول لمعنى الجعل الذي استفيد من الهمزة، فاعل للذهاب كما كان في (ذهب زيد) فإن كان الفعل الثلاثي غير متعد صار بالهمزة متعديا إلى واحد هو مفعول لمعنى الهمزة (أي الجعل والتصيير) كأذهبته ومنه أعظمته أي جعلته عظيما باعتقادي بمعنى استعظمته، وإن كان متعديا إلى واحد صار بالهمزة متعديا إلى اثنين أولهما مفعول الجعل، والثاني لأصل الفعل نحو أحفرت زيدا النهر أي جعلته حافرا له فالأول مجعول والثاني محفور ومرتبة المجعول ومرتبة مقدمة على مرتبة مفعول أصل الفعل لأن فيه معنى الفاعلية وإن كان الثلاثي متعديا إلى اثنين صار بالهمزة متعديا إلى ثلاثة أولهما للجعل والثاني والثالث لأصل الفعل وهو فعلان فقط: أعلم وأرى. وقد يجيء الثلاثي [١١] متعديا ولازما في معنى واحد نحو فتن الرجل أي صار مفتتنا وفتنته أي أدخلت فيه الفتنة. وحزن وحزنته أي أدخلت فيه الحزن ثم تقول: أفتنته وأحزنته فيهما لنقل فتن، وحزن اللازمين لا المتعديين فأصل معنى أحزنته جعلته حزينا كأذهبته وأخرجته وأصل معنى حزنته جعلت فيه الحزن وأدخلته فيه، ككحلته ودهنته أي جعلت فيه كحلا ودهنا، والمغزى من أحزنته وحزنته شيء واحد، لأن من أدخلت فيه الحزن فقد جعلته حزينا إلا أن الأول يفيد هذا المعنى على سبيل النقل والتصيير لمعنى فعل آخر وهو (حزن) دون الثاني.
وقولهم: لأسرع وأبطأ في سرع وبطؤ ليس الهمزة فيهما للنقل بل الثلاثي والمزيد فيه معا غير متعديين، لكن الفرق بينهما أن سرع وبطأ أبلغ لأنهما كأنهما غريزة كصغر وكبر،" انتهى كلام الرضى على الشافية.